أعمار الأمة المحمدية: في صحيح البخاري (6419) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أعذر الله إلى امرئ أخر أجله حتى بلَّغه ستين سنة". قال ابن حجر في الفتح (244/11): في الحديث إشارة إلى أن استكمال الستين مظنة لانقضاء الأجل وأصرح من ذلك ما أخرجه الترمذي بسند حسن إلى أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رفعه "أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين وأقلهم من يجوز ذلك". إذا كان أعمار الأمة المحمدية ستين عاما منها: 20 سنة نوم لأن الإنسان ينام في اليوم ما يقرب 8 ساعات. 15 سنة طفولة ومشاغبة. عامان أكل وشرب وقضاء حاجة. المجموع = 37 عامًا والباقي من العمر 23 عامًا. إذًا العمر الإنتاجي للحسنات وعبادة الله تعالى لا تتجاوز 23 عامًا في الغالب هذا لو كانت هذه الساعات والسنون مستغلة استغلالا صحيحًا لعمل الصالحات لوجه الله تعالى. (تنبيه): النبي صلى الله عليه وسلم قال: "وأقلهم من يجوز ذلك". أي القليل من أمتي من يتخطى هذا السن وقد يموت الإنسان وعمره أقل من ذلك والواقع خير شاهد فالشاب يموت في سن العشرين أو أقل أو أكثر. أعمار أمة نوح عليه السلام: قال تعالى في سورة العنكبوت: ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون( العنكبوت:14). أخرج ابن أبي شيبه وابن المنذر والحاكم وصححه: عن ابن عباس قال: بعث الله تعالى نوحًا عليه السلام وهو ابن أربعين سنة ولبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عامًا يدعوهم إلى الله تعالى وعاش بعد الطوفان ستين سنة حتى كثر الناس وفشوا". الشاهد من ذلك أن عمر الرجل الواحد من قوم نوح عليه السلام ألف سنة أو يزيد وبالطبع المؤمن منهم قد بلغت عبادته لله عز وجل ما يقرب من ألف عام أو يزيد عبادة خالصة. كيف تعبد الله آلاف السنين؟! العمر قصير محدود ومعدود يجري كالثواني. - والسؤال الهام هو كيف آغتنم هذا العمر القصير في عمل الحسنات الكثيرة كأنني عبدتُ الله مئات السنين بل آلاف السنين؟ - كيف آغتنم هذا العمر المحدود واستثمره في عمل الحسنات التي لا تعد ولا تحصى بالملايين والبلايين حتى يصبح عمري الإنتاجي من الحسنات مئات بل آلاف السنين هذا يدعونا إلى البحث عن أبواب الحسنات التي تعد بالملايين والتي منها: أولا: الغسل والتبكير لصلاة الجمعة : عن أوس بن أوس الثقفي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من غسل يوم الجمعة واغتسل وبكر وابتكر ومشى ولم يركب ودنا من الإمام واستمع ولم يلغ كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها" رواه أحمد وأبو داود والنسائي وصححه الألباني في الترغيب (690). قال الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب (208/1) قال الخطابي: قوله: "غسل واغتسل وبكر وابتكر" اختلف الناس في معناه فمنهم من ذهب إلى أنه: ( 1 من الكلام المتظاهر الذي يراد به التوكيد ولم تقع المخالفة بين المعنيين لاختلاف اللفظين وقال ألا تراه يقول في هذا الحديث ومشى ولم يركب ومعناهما واحد وإلى هذا ذهب الأثرم صاحب أحمد. ( 2 وقال بعضهم قوله غسل معناه غسل الرأس وذلك لأن العرب لهم لمم وشعور وفي غسلها مؤنة فأراد غسل الرأس من أجل ذلك وإلى هذا ذهب مكحول وقوله اغتسل معناه غسل سائر الجسد. ( 3 وزعم بعضهم أن قوله غسل معناه أصاب أهله جامعها قبل خروجه إلى الجمعة ليكون أملك لنفسه وأحفظ في طريقه بصره. اه. معنى ذلك لو أنك يوم الجمعة اغتسلت وذهبت مبكرا إلى صلاة الجمعة واقتربت من الإمام ولم تتكلم أثناء الخطبة كان لك بكل خطوة تمشيها إلى الصلاة أجر سنة كاملة صيامها وقيامها وذلك على الله يسير. مثال: هب أنك تمشي إلى المسجد 100 خطوة في جمعة واحدة لك أجر من صام وقام لله 100 عام. - في عام واحد 52 جمعة × 100 = 5200عام. - في 10 سنوات × 5200خطوة = 52000عام. والله يضاعف لمن يشاء والله أعلم اعلم رحمك الله أن الله عز وجل كريم يحاسبك على خطوات الذهاب وخطوات الرجوع. في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له في الجنة نزلا كلما غدا أو راح". قال ابن حجر في الفتح: المراد بالغدو الذهاب وبالرواح الرجوع (174/2(. فأكثروا من الخطا حتى تُعَمَّروا في الطاعة آلاف السنين ثانيًا: الصلاة في المسجد الحرام : في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الصلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام". وفي مسند الإمام أحمد وسنن ابن ماجه بإسناد صحيح عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "صلاة في مسجدي أفضل من صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه". معنى ذلك أن الصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة في المساجد الأخرى. وقد قال أبو بكر النقاش في تفسيره: حسبت الصلاة بالمسجد الحرام فبلغت صلاة واحدة بالمسجد الحرام عمر خمس وخمسين سنة وستة أشهر وعشرين ليلة. فتح الباري (82/3). مثال: هب أنك صليت في مسجد غير المساجد المذكورة بالفضل العظيم تُرى كم سنة تصليها حتى تصل إلى مائة ألف صلاة؟ تحتاج إلى 56 عامًا تقريبًا. فإذا صليت في المسجد الحرام يومًا واحدا (5صلوات). خمس فروض × 56 عامًا = 280 عامًا في مسجدك. 25 فرضًا × 56 عامًا = 1400 عام. معنى ذلك أنك إذا صليت في المسجد الحرام 25 فرضًا أو 25 صلاة لك أجر من صلى لله 1400 عام والله أعلم. قس على ذلك الصلاة في المسجد النبوي الشريف والمسجد الأقصى أعاده الله إلينا سالما. ثالثا: صلاة النافلة في البيوت : في الصحيحين عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صلوا أيها الناس في بيوتكم فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة". اعلم: أن صلاة النافلة في البيوت أفضل من صلاتها في المسجد الحرام والمسجد النبوي وإليك أقوال بعض العلماء: 1 قال ابن حجر في الفتح (82/3): قوله صلى الله عليه وسلم أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ويمكن أن يقال لا مانع من إبقاء الحديث على عمومه فتكون صلاة النافلة في بيت بالمدينة أو مكة تضاعف على صلاتها في البيت بغيرهما وكذا في المسجدين وإن كانت في البيوت أفضل مطلقًا. 2 قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: قال النبي صلى الله عليه وسلم : صلوا أيها الناس في بيوتكم. فأمر أن يصلى في البيت فإن صلاة المرء في بيته أفضل إلا المكتوبة فدل ذلك على أن الإنسان ينبغي له أن تكون جميع رواتبه في بيته سواء الرواتب أو صلاة الضحى أو التهجد أو غير ذلك حتى في مكة والمدينة الأفضل أن تكون الرواتب في البيت أفضل من كونها في المسجد، في المسجد الحرام أو المسجد النبوي لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا وهو في المدينة والصلاة في مسجده خير من ألف صلاة إلا المسجد الحرام وكثير من الناس الآن يفضل أن يصلي النافلة في المسجد الحرام دون البيت وهذا نوع من الجهل. {شرح رياض الصالحين (247/3)} نوافل مستثناه : قال الشيخ - صفوت نور الدين رحمه الله: من فقه الحديث الانتقال لصلاة النفل في البيت أفضل ولو كان بالمسجد الحرام وهذا في غير المعتكف والمبكر لصلاة الجمعة والخائف من فوات الوقت أو الخائف من دخول الكسل عليه أو من يجلس لتعليم أو تعلم أو مريد السفر والقادم من سفر وذلك في غير الصلوات التي تسن فيها الجماعة كالاستسقاء والعيدين والكسوفين وكركعتي الطواف وتحية المسجد. {مجلة التوحيد شوال ص15 - 1415ه} فوائد صلاة النافلة في البيوت : 1 أفضل من صلاة النافلة في المسجد الحرام الذي فيه الصلاة بمائة ألف صلاة. 2 تعليم أهل البيت الصلاة من زوجة وأولاد الاقتداء به في ذلك. 3 طرد الشياطين من البيت وتقليل المشاكل. 4 غسل القلب قبل الفرض وصقل له وترويض له حتى يصلي الفرض بخشوع. 5 أقرب إلى الإخلاص وأبعد عن الرياء أمام الناس. 6 سد العجز والخلل في صلاة الفريضة. في سنن الترمذي وغيره وصححه العلامة الألباني في صحيح الترغيب (541) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته فإن صلحت فقد أفلح وأنجح وإن فسدت فقد خاب وخسر وإن انتقص من فريضته قال الله تعالى انظروا هل لعبدي من تطوع يكمل به ما انتقص من الفريضة ثم يكون سائر عمله على ذلك". هيا نتاجر مع الله الغني الكريم هذه فرص للتجارة مع الله عز وجل تجارة رابحة بالآلاف والملايين والبلايين من الحسنات قال تعالى في سورة فاطر إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور , ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور {فاطر:29،30}.